من المسئول؟

جرت العادة بالنسبة للحوثيين هو استهداف التجمعات البشرية في المعسكرات في مناطق المواجهات، وتلك إستراتيجية متبعة لديهم بعدما واجهوا الانكسارات والخسائر في الجبهات.. مثل تلك الهجمات المؤثرة، أو الاستهدافات المبنية على أساس استخباري تتوفر لها المعلومات الدقيقة حتى تمكنها من الوصول إلى عمق المعسكرات، وقد تكررت كل الحوادث الموجعة.

ومعها لا يمكننا الاكتفاء بتوجيه المسؤولية إلى الحوثيين قبل أن ندرس ونتدارك طبيعة الاختراقات الناجمة التي تنفذ وتستهدف على وجه التحديد الجنوبيين، فعملية مأرب لم تكن تحدث إلا بعد وصول عدد من أفراد الحماية الرئاسية من المجندين الجدد إلى مأرب وبعد أن تم سحب هؤلاء من عدن تحديداً وقيل لهم إذا أردتم استلام مرتباتكم فعليكم التوجه إلى مأرب.. فهل كانت الخطوة ضرورية؟

وما أن وصل هؤلاء الشباب إلى مأرب حتى تمت بحقهم هذه العملية السريعة التي كانت لا شك مبيتة مسبقاً، وتم التعاطي مع تفاصيلها بصورة استخباراتية حتى حققت هذا العدد الضخم من القتلى والجرحى، للأسف الشديد لا يبدو أن الجهات المعنية في حالة خجل أو تأنيب ضميرها مما جرى، فهي كما قيل عملية حوثية استهدفت تجمعاً للمصلين في قلب المعسكر ولم تتم مثل هذه العمليات النوعية من قبل.

الثابت أن الاستهداف خص هؤلاء الجنوبيين لحظة وصولهم مأرب وهو ما يطرح أسئلة كثيرة مما جرى.

فإلقاء المسؤولية على الحوثيين لا أهمية لها، ووصف العملية بجريمة حرب لا تمثل ردعاً للطرف الذي يمارس هذا النمط من الاستهداف، بل مثل هذا الطرح تهرب من المسؤولية عما جرى مع أن ما حدث جريمة تتحملها الأطراف التي جمعت تلك الأعداد وتوجهت بهم إلى مأرب.

بالنسبة للحوثيين هي اختراقات نوعية دون أدنى شك، وقد مكنتهم من إسقاط أكبر عدد من الضحايا عبر خططهم تلك العسكرية المبنية على أساس مباغتة التجمعات، أما الطرح بأن الاستهداف خص مسجداً في قلب المعسكر لا يبرر مطلقاً المسؤولية عما حدث بالنسبة للشرعية التي يدرك قادتها العسكريون أنهم في مرمى قوات الخصم وأن الأصل هو اتباع نمط من الحيطة والحذر على الأقل من باب الشعور بالمسؤولية تجاه هؤلاء الأبرياء الذي سلموا لقمة صائغة للخصم، بل تم تجميعهم إلى نقطة في معسكر مأرب في ظل رصد تحركاتهم وبدقة من قبل استخبارات الحوثيين حتى لحظة الغارة التي أوقعت كل هذه الحصيلة الموجعة من القتلى والجرحى، والحوثي لا يلتزم قواعد أخلاقية حتى تحملوه المسؤولية!