تائهون إلى ما لا نهاية!!

كثيرا ما تطالعنا أسئلة الناس القلقة بالقول إلى أين نحن ذاهبون؟
تساؤلات على لسان البسطاء من عامة الشعب الجنوبي، ممن كانوا ولا زالوا تحت وطأة الوضع المأساوي بتشعباته واسعة الأشداق، التي كلما عانوا من مراراتها لا يلوح في الأفق حلاً أو ما ينذر بإشراقة فجر جديد. هكذا نعيش حياتنا التي تحاصرها مصاعب الحياة من كل حدب وصوب.. فإذا كانت الحياة أمل، كما يقال، فماذا لو أن الآمال تبخرت على مدى عقود من أعمارنا، هل نمني أنفسنا بآمال زائفة لا وجود يذكر حتى لبعض نذر إرهاصاتها في واقعنا الذي تتجاوز آلامه الوصف؟، ثم ما الذي جعلنا فريسة هذا الوضع اليائس للغاية؟ هل خصومنا السياسون؟
مع علمنا أن الخصومة السياسية فيها الكثير من المكر وفن الممكن والدهاء واستخدام الغاية تبريرا للوسيلة، وهو نهج درج عليه أعلام الفكر السياسي على مر التاريخ. بمعنى أدق، قبل أن تكيل التهم لخصومك تحاسب نفسك من منظور ثقتك أن الخصم لابد أن يستغل كل نقاط ضعفك لينال الانتصار عليك في نهاية المطاف، فالمسألة هنا لا ترتبط بشروط قانونية، كيف تمضي أجندة الخصوم السياسية؟ ولا إلى أين يتم الانتهاء أو الوصول لكل طرف؟. إنها معركة من نوع آخر لا شك في ذلك.
فهل ترسو سفينة الجنوب على شاطئ آمالنا وتطلعاتنا؟ أم أننا غارقين تماماً في معاركنا الجانبية وأحقادنا وضغائن نفوسنا التي لا يبدو أنها تتجه إلى حال مختلف. لم نمضِ باتجاه تحقيق تطلعات وآمال شعبنا، وهذا ما يمكنك أن تقرأه في صفحة واقعنا المزري الذي ليس فيه أدنى تقدم جنوبي على صعيد إحقاق الحق.

ذلك ما تجده لدى الأطياف السابحة في ملكوت الأوهام المستجرة للماضي بكل تفاصيله التي تستحضر بعناية لنيل كل طرف من الآخر.
وسط كل ما سلف، علينا أن لا نشير للطرف الآخر باعتباره خصماً، لاشك أن من أولوياته تزحيم مصالحه، فماذا نرجح نحن في ظل هذه المعادلة الداخلية شديدة الاختلال؟
ليس في وارد كافة الأطياف الهلامية الواهنة - إن جاز التعبير - وضع حد لمعاناة هذا الشعب العظيم الذي قدم ويقدم تضحيات جسام. ليس من أولويات المكونات والرموز السياسية إلا استمرار إدارة صراعنا الداخلي بكل ما فيه من إسفاف لا يعبر إلا عن درجة هواننا وتلاشينا، تائهين إلى ما لا نهاية، للأسف.

إذن ما هي أولوياتنا في هذا الوقت الدقيق؟ لا توجد أولويات وفق كافة المعطيات، إلا أن كل طرف يطلق إساءاته للآخر ويمعن في حالة عناده التي لا توصف، خصوصاً وقد بلغت الأمور درجة قصوى من التباعد في الرؤى، بل والاختلاف الجوهري حول محور قضيتنا الأم. واقع ربما يجعلنا كشعب أمام حصار مر وخطير ستدفع الأجيال اللاحقة أثمانه الباهظة.. فهل نصحو بعد فوات الأوان؟! فما أحوجنا للتوافق في هذه الأثناء.. لكن - للأسف - بات متعذراً ولا آفاق لعقل سياسي خلاب يخرجنا من سباتنا العميق..!!​