الاقتصاد الأكثر تعقيدا

لا توجد وصفة جاهزة لدى أي مجتمع لحل قضايا الواقع الاقتصادي وفق ما تقتضيه الضرورة، فلو كان الحال كذلك لما وجدت المشكلات الاقتصادية والتداعيات التي تعصف بأحوال المجتمعات وتفقدها عوامل استقرارها.

المعالجات الاقتصادية دون شك ترتبط بجملة معالجات على الصعيد السياسي الذي يشكل بوابة الحلول دون ذلك نتناسى التداعيات الاقتصادية بحكم غياب عوامل الاستقرار والتنمية.

ولا يوجد مجتمع بشري حقق طفرات اقتصادية دون امتلاك واقع سياسي يرسي عوامل العدل الاجتماعي، ويعمق سلطة القانون، وتبعث الطمأنينة والاستقرار في أحوالنا.. هل يشكل تغيير رئيس الحكومة تبدلاً ملحوظاً في واقعنا الاقتصادي الذي شهد حالة تردٍّ غير مسبوقة وفاقم من معاناة السكان جراء الارتفاعات السعرية التي لا تحتمل إطلاقا.

وكي لا نذهب الى مفصلية تغيير رئيس الوزراء السابق أحمد عبيد بن دغر وإحالته للتحقيق التي يظنها الكثير من المتابعين أتت متأخرة، الحال الذي يجعل فكرة تجاوز المشكلات القائمة مهمة صعبة أمام أي رئاسة وزراء جديدة، فوضع عدم الاستقرار الراهن وحالة الحرب القائمة لا يمكن معها التوخي بمعالجات سريعة على مختلف الصعد.

فوفق معطيات سنوات خلت، هناك قضايا عدة لم تتخذ المعالجات السريعة بشأنها، وهي التي أدت إلى نتائج انهيار العملة التي مثلت تحدياً كبيراً حتى أن ما اتخذت من معالجات إزاء ذلك ليست جوهرية بحسب المختصين في هذا المجال، على اعتبار أنها لم تأخذ بأمر المعالجات المتعلقة بالفساد وتقليص النفقات، في حين أن مسألة زيادة الموارد من القضايا التي لا يمكنها أن تتحقق في ظل الوضع الراهن.

ما يعني أن الأمور معقدة إلى حد بعيد ولا يمكن معها المراهنة على أن التغيير في رئاسة الحكومة يؤتي أكله مهما كانت قدرات من تناط به مثل هذه المهمة الصعبة في الزمن الصعب، والحال لا يرتبط بجانب أحادي.. فمعاناة السكان على صعيد الكهرباء والخدمات عموماً، ناهيك عن عدم انتظام الحصول على المستحقات وغياب التسويات الوظيفية على مدى عقود، كل هذه الأمور خلقت إرباكات واسعة وربما فوضى لارتباط تلك المستحقات باستقرار الناس سواء موظفي الدولة أو المتقاعدين.
فحجم الخلل وعدم الإنصاف على هذا الصعيد ينبغي أن يكون في أولويات المعالجات القادمة..

فظروف الحرب تشكل بيئة مثالية لتنامي المشكلات وبؤر الفساد وغياب سلطة القانون. وحين يقابل ذلك بسوء الأداء على صعيد الحكومة تكون النتائج كارثية.فهل تمتلك الحكومة الجديدة رؤية مسبقة لمواجهة تلك الأوضاع؟
دون ذلك سوف يستمر تدهور العملة مصحوباً بتنامي بؤر الفساد وغياب سلطة القانون، ولا يمكن أن يشكل أمر التغييرات الوزارية تبدلاً يذكر، عندئذٍ نجد أنفسنا أمام واقع حياتي لا يمكن احتواء تداعياته المؤسفة.