غول الفساد
عبدالقوي الاشول
المزيدحكاية الفساد باتت مقيمة في معظم بلدان الوطن العربي رغم الهيئات التي يقال إنها معنية بمكافحة الفساد وما ينعق على تلك الهيئات التي لم تحقق شيئاً وفق معطيات سنوات خلت، فالفساد مستشرٍ في معظم البلدان خصوصا التي شهد واقعها الحروب والاضطرابات وعدم استقرار أنضمتها السياسية، فعلاوة على ما تعاني من مشكلات تأتي معضلة الفساد لتطيح بباقي الآمال لديها، ما يعني أن غياب أجهزة الدولة يجعل من غير الممكن تجاوز حلزونية الفساد ومحاسبة الفاسدين، وهو الوضع الذي جعل هذه الظاهرة تأخذ أبعادا خطيرة في واقع هذه البلدان التي يشكل التعايش فيها مع الفساد سبيلاً لا يمكن الحياد عنه بمجرد أن تزعم أنها في طريقها لوضع حد لذلك.
حجم الفساد مهول وغير مسبوق وفق معطيات عدة ما يجعل المعالجات على الصعيد الاقتصادي شبه متعذرة بحكم الإهدار غير المسبوق للموارد والنهب غير المحدود للمقدرات والاعتمادات المالية التي لا يصل منها إلا الجزء القليل.. هذا الوضع المتفاقم عكس نفسه على كافة المسارات بما فيها مسار الحروب التي لا يبدو في أفقها ما يشير إلى إمكانية وضع الحد إزاءها والمضي في حوارات سياسية يشكل التوافق حولها سبيلاً للخروج من عمق المأساة، فأطراف الفساد المستفيدة ترى في الأمر حالة مثالية تحقق مآربها ولا يمكنها أن تكثرت للمآسي الناجمة عن استمرار رحى الحروب.
ومن المؤسف حقاً أن المجتمع الدولي عبر هيئاته المعنية لا يمتلك خارطة طريق للخروج من وضع كارثي على هذا النحو حتى إنه يراهن وبصورة خاطئة على نتائج الحلول الترقيعية التي لا تلامس أصلاً أساس المأساة، فعدم امتلاك القراءة الكافية للوضع يقود تلك الهيئات إلى انتهاج طرق تجريبية غالباً ما تكون نتائج الإخفاق حتمية جراء غياب المقاربات السياسية التي تستشف أساس مشكلات الواقع وتداخلاتها من هنا، ورغم استعمال الوضع وتدهور الأوضاع في البلدان غير المستقرة والتي من أبرزها الواقع اليمني، لا نرى إلا الجولات المكوكية للمبعوثين الدوليين التي تعمل هيئات المجتمع الدولي على استبدال مبعوث بآخر حين يتبين لها عدم تحقيق حلول فعلية، وهكذا يأخذ كل مبعوث دولي وقته دون جدوى.