هناك مجال واسع النطاق في وسائل الإعلام وكافة وسائل التواصل الاجتماعي حول أهداف دول الإقليم في اليمن حتى إن البعض يذهب في اجتهاداته إلى ما هو أبعد من ذلك الأمر الظاهر بالنسبة لمآرب ومصالح دول الإقليم، التي في الأصل لم تكن تدخل الحرب وتقيم التحالف إلا من منظور مصالحها وأمنها، وهي حقيقة لا تنكرها تلك الدول التي تتعارض بشكل جدي وصارخ مع أي تواجد إيراني في المنطقة التي تمثل أهميتها الإستراتيجية محوراً أساسياً لتلك البلدان، على اعتبار أن أي تواجد في هذا الجزء المهم من العالم يهدد أمنها ومصالحها وانسيابية تصدير نفطها عبر الممرات المائية، ومن غير الممكن أن تقبل دول الجوار بما يهدد مصالحها واستقرارها.
من هذا المنظور، وضعت دول الجوار ثقلها في الحرب القائمة، التي من أهدافها الأساسية إعادة الأمن لهذه المنطقة، التي يشكل عدم استقرارها تهديداً لجيرانها بدرجة أساسية.
ما يعني أن الأجندة السياسية للأشقاء والأولويات حاضرة دون شك، فالعالم مصالح متشابكة، ناهيك عن حجم التجاذبات والتدخلات التي يسعى عبرها كل طرف للوصول إلى غاياته عبر شتى الطرق، وليس صحيحاً ما تذهب إليه بعض الشائعات التي تصور الوضع بالاحتلال أو نهب الثروات؛ لأن لدى الأشقاء فائضاً منها، وليسوا بحاجة لهذه الخسائر التي يقدمونها.
إلا أن ذلك لا يخفي هواجس الحسابات السياسية لدى الأشقاء التي تفرض عليهم عدم التفريط بجوارهم اليمني.
اللافت حقاً أننا في الجنوب أكثر اهتماماً بما لدى بلدان الجوار من أهداف وأولويات رغم أنها واضحة وجلية.
إلا أننا لم نسأل أنفسنا وسط هذا الصخب والاتهامات المتبادلة.. لا نشير مطلقاً إلى أولوياتنا كجنوبيين تحديداً، وماذا سوف يكون عليه الحال عقب انتهاء الحرب؟ وما طبيعة التسويات السياسية القادمة وموضع الجنوب فيها ومستقبلة بعد كل ما قدم من تضحيات جسام، وما عاناه على مدى عقود مضت من قهر وظلم ونهب لمقدراته؟
كما لا يعنينا ما تجري من تهيأت وحسابات لدى الطرف الآخر تجاه الجنوب، تحديداً في حين أننا أكثر اهتماماً بتفاصيل بعيدة عن صلب قضيتنا، فعلى أي أساس نشير بالقول إلى أن الجنوب قادم؟
إذا كنا أصلاً لا نعرف ماذا نريد؟ وعلى أي أساس يكون الجنوب قادماً في ظل هذا التوهان الذي نعانيه، واستغراقنا التام بتلك التفاصيل التي لا تشرع إلا لتلك الإساءات التي نجيد توجيهها تجاه بعضنا، وفي أشد الأوقات أهمية؟
وهل سألنا أنفسنا جميعاً؛ ماذا يمثل لنا الجنوب؟ وهل قضيته الأساسية محط إجماعنا حتى نتسلح برؤية وتوافق من أجل استعادته بعدها؟ يظل لكل حادث حديث فيما يخص هواجس الخوف والمناطقية التي استبدت بنا على نحو غير مسبوق.. فما هي أولوياتنا -يا ترى- في ظل الوضع القائم؟