هل نؤمن مستقبل الأجيال؟

​إن نتطلع إلى تحقيق آمالنا وطموحاتنا المشروعة وتجاوز خلافاتنا وكل ما يضر بقضيتنا العادلة، وأن نشير إلى جملة معطيات تاريخية عن خصوصية واقعنا الجنوبي، فذلك حق مشروع لمكوننا البشري منذ الأزل على هذه الرقعة الجغرافية.
وبعدما قدم شعبنا الجنوبي من بطولات وتضحيات على مدى العقود المنصرمة لابد أن يتم السعي وبكل وطنية وإخلاص إلى تحقيق حلم شعبنا العظيم، الذي لابد أن تسقط كافة المراهنات على تمزيق نسيجه الاجتماعي من منظور ما واجهت مسيرتنا الثورية على مدى سنوات خلت من وحشية وجبروت، ناهيك عن توظيف كل شيء في سبيل مواجهة أصحاب هذا الحق المشروع. 

نعم لقد وظفت ثروات الجنوب وخيراته للنيل من نضالات شعبنا والإساءة لتاريخنا وثقافتنا، سعياً منهم لخلق سياسة الأمر الواقع وجعل الأجيال القادمة لا تدرك الكثير من حقائق التاريخ، إلا أن كل تلك الطرق بدت عقيمة للغاية أمام إصرار شعبنا وجماهيرنا البطلة على مواجهة كل ذلك بشجاعة وإصرار وصبر. 
وها نحن اليوم أمام درجة من الوعي الجنوبي الذي تذهب مؤشراته باتجاه استعادة الحق أولاً بعيداً عن فكرة ترجيح المشاريع الصغيرة التي تكون حائلاً دون استعادة الحق، ما يعني أن وعي الأطياف المختلفة قد بلغ، مع كل صروف القهر والمعاناة والألم، درجة اليقين ألا سبيل أمام الجميع إلا استعادة الجنوب التي تشكل مصدر قوة ومنعة لكافة الأطياف والقوى.

أو هكذا أخذت تشكل في واقنا نذر خطوات سياسية ناجعة رغم ما يحيط بها من تشويه وما يلازم تطوراتها من إساءات وحالات تشكيك.
لقد عشنا جميعاً وبدون استثناء في الجنوب أبلغ وأقسى صور المعاناة والقهر والألم، وفقدنا الكثير من الأعزاء جراء هذا الواقع المرير، ومن غير الممكن أن نكرر نفس الأخطاء، لأن ذلك معناه التفريط بحق مستقبل الأجيال في العيش بكرامة على ربوع وطنهم.

ومهما تنوعت الاجتهادات والأقوال فإن الطريق إلى ذلك لا يكون إلا عبر عنوان وطن معافى يعيش أبناؤه بسلام تحت سماء أرضهم بعيداً عن شرور القتل والاقتتال وشرائع الغاب التي منحت مساحات لممارسة أعتى أنواع النهب للمقدرات.
فهل ترسخت قناعاتنا أن ثمار التضحيات والدماء التي سالت ينبغي تجسيدها في تطلعات سياسية لا مجال معها للمراهنة على ما هو أقل من الحق بعيداً عن المخاوف غير المبررة؟