جذوة الربيع العربي
عبدالقوي الاشول
المزيدمازالت جذوة التغيير المرتبطة بالربيع العربي الذي نجح جزئياً في بعض البلدان من تحقيق مطالب الشعوب في حين تم احتواؤه والالتفاف عليه في بلدان أخرى بطرق ابتكرتها السلطات في المحافظة، حتى إن الكثير من الحكام ظن جازماً أنه قد تجاوز العاصفة وألا خطر يداهم حكمه، معتبراً أن النهج الديمقراطي من مميزات سلطته التي لا ينبغي أن تكون محط معارضة الشعب بأي حال.
مضت الجماهير الهادرة في تنظيم حراكها ولم تنثنِ أمام خطب تلك القيادات التي بدت أعجز مما كانت تتوقع، وحين فكرت تلك القيادات باحتواء الثورات العارمة لم تدرك أنها بتلك الطرق وضعت نفسها في حالة ضعف، الحال الذي ساهم في رفع مطالب الجموع التي أبت إلا أن تؤمن ثورتها وتضمن التغيير عبر تواجدها في الميادين.
ما يعني أن إرادة الشعوب لا تقهر مهما تنوعت أساليب البطش وابتكرت طرق حماية الأنظمة، فلا مجال للنجاح أمام تيار تلك السيول الجارفة الغاضبة!!
إلا أن جذوة الربيع العربي ما لبثت أن تجددت بصورة أكثر وهجاً وإصراراً على التغيير، بل إن الأحزاب والقوى المعارضة نظمت نفسها بصورة أعجزت تلك الأنظمة من المواجهة رغم التهديدات التي لازمت حراك تلك البلدان إلا أن السلطات عجزت تماماً أمام شدة التيار الشعبي العارم من المواجهة رغم ما لديها من فرِق قوات خاصة كانت قد أعدت لتلك التوقعات.
عندها أدرك الحكام أنهم أمام أوضاع لا يمكن تجاوزها بحلول ترقيعية تمتص حماس الجماهير لا أكثر، والثابت أن نموذج السودان والجزائر يمضيان بصورة متوازية وبطرق متماثلة تماماً ما يعني أن يقظت الشعوب جراء محاولاتها السابقة التي لم تفضِ إلى التغيير، الأمر الذي جعل فكرة التمسك بالتغيير الشامل الذي يتجاوز رأس النظام إلى منظومة حكمه، عموما المطلب الذي أخذ يتجسد على الأرض، وإن ببطء، إلا أنه وفق كافة المعطيات يفضي إلى نجاح الثورتين السودانية والجزائرية، فهذان النموذجان لا شك يقلقان الكثير من الأنظمة القمعية التي ظنت أنها في مأمن، فكل تجربة ناجحة على هذا الصعيد يمكن الأخذ بها وتقليد نمطها، وهنا تكمن عقدة من اعتبروا أن الربيع العربي حلماً مضى وانقضى.